اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 481
بغتة عَلَيْها اى على جنتك هذه حُسْباناً اى صواعق نازلة ليلا مِنَ السَّماءِ فحرقتها وخربتها واستأصلتها فَتُصْبِحَ أنت وترى صَعِيداً ترابا زَلَقاً ملساء لا تثبت فيها قدم ولا تنبت فيها نبات
أَوْ يُصْبِحَ ويصير ماؤُها الجاري في خلالها غَوْراً غائرا عميقا بحيث لا يمكن سقيها منه أصلا لبعد غوره وعمقه فَلَنْ تَسْتَطِيعَ أنت ولن تقدر لَهُ طَلَباً بالحفر والحيل وانواع التدابير وقد اعطى سبحانه من فضله وسعة جوده الأخ المؤمن ما أمله تفضلا عليه وامتنانا
وَأرسل على بستان الأخ الكافر صواعق نازلة من السماء كثيرة الى حيث أُحِيطَ بِثَمَرِهِ وعمت جميع ما فيها من الثمار فلم يبق الانتفاع بها أصلا وبالجملة قد غار ماؤها وذهب رواؤها واضمحلت نضارتها ولم يبق صفاؤها فَأَصْبَحَ الكافر يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ ظهرا وبطنا تلهفا وتحزنا عَلى ما أَنْفَقَ فِيها وفي انشائها وتعميرها من الأموال العظام وَالحال انه هِيَ اى الجنة خاوِيَةٌ ساقطة عَلى عُرُوشِها اى عروشها قد سقطت على الأرض والكروم عليها محرقا جميعها وَيَقُولُ الكافر حينئذ بعد ما أفاق عن سكر الغرور والغفلة وتفطن على منشأ تلك الصدمة والصولة الإلهية نادما متحسرا متمنيا يا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً تعنتا واستكبارا حتى لا يلحق على ما لحقني من البوار والخسار
وَبالجملة لَمْ تَكُنْ لَهُ حينئذ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ حسب مباهاته ومفاخرته بالأعوان والأنصار من بأس الله واخذه بل لا ناصر له مِنْ دُونِ اللَّهِ ولا مغيث له سواه وبالجملة ان استنصر منه سبحانه واستغفر له نادما عما صدر عنه من الجرءة والجرائم فقد نصره سبحانه وعفا عنه وان عظمت زلته وَما كانَ ايضا بنفسه على مقتضى استبداده وثروته مُنْتَصِراً مخلصا منجيا نفسه عن أمثال هذه النكبات
بل هُنالِكَ وفي أمثال تلك الحالة والواقعة الْوَلايَةُ والنصرة والغلبة والاستعلاء والاستيلاء والعظمة والكبرياء والتعزز والاستغناء ليست الا لِلَّهِ الْحَقِّ الثابت القيوم المطلق الحقيق بالحقية والقيومية الجدير بالبسطة والديمومية ابدا ولذلك هُوَ سبحانه بذاته وبمقتضى ألوهيته وربوبيته خَيْرٌ ثَواباً في النشأة الاخرى لأوليائه وهو أكرم عطاء لأحبائه وامنائه فيها وَخَيْرٌ عُقْباً لانتقام أعدائه انتصارا لأوليائه
وَاضْرِبْ لَهُمْ اى اذكر يا أكمل الرسل للمائلين الى الدنيا ومزخرفاتها ومستلذاتها الفانية الغير القارة المستتبعة المستعقبة لانواع الآثام والعصيان المستلزمة المستجلبة لغضب الله وسخطه ومثل لهم مَثَلَ الْحَياةِ الدُّنْيا وانقضائها وفنائها سريعا كَماءٍ اى مثلها مثل ماء قد أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ إظهارا لكمال قدرتنا وعجائب صنعتنا وبدائع حكمتنا فَاخْتَلَطَ بِهِ اى بالماء الاجزاء الارضية بحيث تكاثف وغلظ بسببها فنبت منه نَباتُ الْأَرْضِ وصار في كمال الطراوة والنضارة والحسن والبهاء الى حيث تعجب منها ابصار اولى الألباب والاعتبار ثم يبس من حر الشمس وبرد الهواء فَأَصْبَحَ هَشِيماً وصار مهشوما متفرق الأوراق متفتت الاجزاء بحيث تَذْرُوهُ اى تثيره وتطيره الرِّياحُ كيف تشاء وَكانَ اللَّهُ العزيز الغالب عَلى كُلِّ شَيْءٍ من مقدوراته ومراداته مُقْتَدِراً كاملا بحيث لا ينتهى قدرته لدى المراد بل له التصرف فيه الى ما شاء الله لا حول ولا قوة الا بالله ومتى سمعت وعلمت حال حيوة الدنيا ومآل أمرها وعاقبتها وانكشفت بعدم ثباتها وقرارها
فاعلم ان معظم ما يتفرع عليها الْمالُ وَالْبَنُونَ إذ هما زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا الفانية حاصلان منها عارضان عليها ومتى لم يكن للمعروض دوام وبقاء فللعارض بالطريق الاولى وَالْباقِياتُ التي
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 481